عيون الحيوان
العيون الّتي تُضيء باللّيل، كأنّها مصابيح، عيون الأُسْد والنّمور والسنانير والأفاعي. وقد روى بعض من يجلب الأفاعي من سجسْتان، ويبيعها أحياءً ومقتولة ويعمل الترياقات، قال:
كنت في منزلي نائمًا في ظلمةٍ، وقد كنت جمعت رؤوس أفاعٍ كُنَّ عندي لأرمي بها، وأغفلت تحت السّرير رأسًا واحدًا، ففتحت عينيّ تجاه السّرير في الظلمة، فرأيت ضياءً إلّا أنّه ضئيل ضعيف رقيق، فقلت: عين غول أو بعض أولاد السّعالي، وذَهَبَت نفسي في ألوان من المعاني، فقمت فقدَحت نارًا وأخذت المصباح معي، ومضيت نحو السّرير، فلم أجد تحته إلّا رأس أفعى، فأطفأت السراج ونمت، وفتحت عينيَّ، فإذا ذلك الضّوء على حاله، فنهضت فصنعت كصنيعي الأوّل، حتّى فعلت ذلك مرارًا، قفلت آخر مرّة: ما أرى شيئًا إلّا رأس أفعى، فلو نحّيتُه؟! فنحّيته، وأطفأت السراج؛ ثمّ رجعت إلى منامي ففتحت عينيّ فلم أر الضّوء، فعلمت أنّه من عين الأفعى. ثمّ سألت عن ذلك، فإذا الأمر حقّ، وإذا هو مشهور في أهل هذه الصّناعة.
الجاحظ
كتاب الحيوان